لا فرق بين من يرتكب في بدع شركية تخرج من ينتسب إلى الإسلام منه، وبين من لم يدخل في الإسلام مطلقاً في تحريم المناكحة، ومنع التوارث بينهم وبين المسلمين، ولكن بينهم تفاوتاً في درجة طغيانهم، فمثلاً الأول: يعتبر مرتداً عن الإسلام يستتاب فإن تاب وإلا قتل لردته، وماله لبيت المال لا لزوجه وأهله؛ لقول النبي : { من بدل دينه فاقتلوه } والثاني: يدعى إلى الإسلام فإن استجاب فبها، وإلا شرع جهاده وقتاله كسائر الكافرين، وماله فيء أو غنيمة للمسلمين إن أخذوه في جهاد، ولورثته من أهل دينه إن مات في غير جهاد، إلا أن يكون المشرك من أهل الكتاب والمجوس فإنهم يقرون بالجزية إذا التزموا بها عن يد وهم صاغرون وإلا قوتلوا عند القدرة على ذلك؛ لقوله سبحانه: قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29]، وثبت عنه أنه أخذ الجزية من مجوسي هجر.
الشرك: هو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله سبحانه وتعالى: كالذبح لغير الله، والنذر لغير الله، والدعاء لغير الله، والاستغاثة بغير الله، كما يفعل عباد القبور اليوم عند الأضرحة من مناداة الأموات، وطلب قضاء الحاجات، وتفريج الكربات من الموتى، والطواف بأضرحتهم، وذبح القرابين، عندها تقرباً إليهم، والنذر لهم وما أشبه ذلك، هذا هو الشرك الأكبر لأنه صرف للعبادة لغير الله سبحانه وتعالى، والله جل وعلا يقول: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110] ويقول: إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً [النساء:31]، ويقول جل وعلا: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5] والآيات في هذا الموضوع كثيرة.